لم أشعر بالفخر لكوني ليبيا قبل الآن. لم نشعر بهذه الحرية التي نشعر بها الآن".. بهذه الكلمات عبر الطبيب الليبي أبو عبد الله عن المشاعر التي يشعر بها بعد رجوعه إلى ليبيا عائدا من كندا؛ لمساعدة الثوار فى حربهم من أجل "تحرير" ليبيا من قبضة القذافي وكتائبه.
ويقول عبد الله: "كنت أشاهد الأخبار وقررت أنه من الضروري أن أحضر للمساعدة.. أنا فخور أن أكون كنديا وكذلك ليبيا. لم أشعر بالفخر لكوني ليبيا قبل الآن. لم نشعر بهذه الحرية التي نشعر بها الآن".
ويتواجد عبد الله حاليا في مستشفي بئر عياد الميداني، وهو عبارة عن غرفة واحدة دون كهرباء في مقهى جانبي سابق قرب خط الجبهة في منطقة الجبل الغربي بليبيا، ويختلف كثيرا عن المركز الطبي الكندي الذي يعمل فيه أبو عبد الله رئيسا لقسم أمراض القلب.
ويوجد في المستشفى ثلاثة أسرة فقط وأدوية أساسية وسيارة إسعاف متوقفة في الخارج.
وأقيم المستشفى بعد معركة كبيرة في مكان مجاور، ومن المتوقع نشوب قتال ضار في الجبهة المجاورة، ويتوقع الأطباء وصول المزيد من الجرحى قريبا.
وينقل المقاتلون المصابون من الجبهة كي تجرى لهم الإسعافات اللازمة قبل نقلهم إلى أقرب مستشفى به خدمات كاملة في الزنتان.
"مصدر إلهام"
وهذه هي ثالث رحلة لأبو عبد الله إلى ليبيا، وتمكن في كل مرة من أخذ عطلة مدتها ما بين أسبوعين أو ثلاثة من خلال تبديل نوبات العمل مع زملائه في كندا.
وعندما يحين وقت سفره يستقل أقرب طائرة، ويتوجه إلى مكان عمله على الفور في اليوم التالي.
وطلب الطبيب عدم الكشف عن اسمه كاملا وعن المستشفى الذي يعمل به في كندا؛ لحماية أقاربه الذين ما زالوا موجودين في المناطق التي يسيطر عليها القذافي في ليبيا.
ويمكن العثور على الليبيين المغتربين في أنحاء المناطق التي تسيطر عليها المعارضة؛ فهم يعودون للمساعدة في الانتفاضة المستمرة منذ خمسة أشهر ضد الزعيم الليبي.
وقال العقيد جمعة إبراهيم،المتحدث باسم قوات المعارضة في منطقة الجبل الغربي، إن وصول ليبيين من الخارج إلى خطوط الجبهة، والكثير منهم من المهنيين من الطبقة الوسطى، كان مصدر إلهام للمقاتلين.
وعن كيفية التنسيق معهم قال إنهم اتصلوا به عبر الإنترنت من كندا ومن إنجلترا، وتركوا وراءهم الحياة المريحة، وإنه في بعض الأحيان لم يكن هناك أماكن للنوم أو طعام.. ويحضرون إلى هذا المكان وهم لا يعرفون أحدا.
وأقيم المستشفى الميداني في بئر عياد قبل أسبوع، وهو من بنات أفكار أبو أحمد جراح العظام الذي عاد إلى ليبيا قبل ثلاثة أشهر، تاركا زوجته وابنه في بيتسبرج ببنسلفانيا.
وألقي القبض على بعض أصدقائه وأفراد أسرته وما زال بعضهم مختبئا. واختبأ شقيقه وهو طبيب لمدة أربعة أشهر قبل أن ينجح في الفرار من ليبيا في نهاية الأمر.
وتمكن أبو أحمد، الذي كان يتطوع في مستشفى بالزنتان، من جمع المعدات اللازمة لإقامة المستشفى الميداني لمساعدة المقاتلين الذين يتمنى أن يتمكنوا قريبا من الزحف إلى الزاوية.
ومضى يقول: "نقوم بالإسعافات الأولية فقط. ليس لدينا كهرباء بعد.. أغلب الأدوية تحتاج حرارة منخفصة. الحرارة هنا 40 درجة مئوية في الصيف".
ومن الصعب عليه أن يبتعد عن زوجته، ولكنه يتحدث إليها عبر الإنترنت عندما يتسنى له ذلك. ويقول إنها "إنها دائما تبكي لي. وتقول: عد.. عد".
ويصف طبيب آخر عائد من كندا، فضل أن نناديه بأبو عبد الله، أن عودته لوطنه تمثل فرحة كبرى: "اليوم توجهت إلى الجبهة، والتقيت بزميلي في الدراسة الذي لم أره منذ 20 عاما.. شيء مذهل".